الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

ما لا تعرفه عن العلمانية والليبرالية‏

بقلم: محمد نصر
ما لا تعرفه يا عزيزي أن العلمانية مأخوذة من العالَم وليس من العِلم، فالمنهج العلماني لا يقر إلا بما يلمسه ماديا في هذا العالم،وهو غير معني بحال من الأحوال بالعالم الآخر في حساباته. بمعنى أن مسألة الحلال والحرام ليست معتبرة عند بحث أي مسألة، بل المصلحة الظاهرة وحدها هي من يتم اعتبارها. وهذا لا شك من الضلال المبين. والعلمانية هي ترجمة للكلمة الانجليزية (secularism)  بمعنى اللاديني، ويبدو أن المترجم كان يضمر شيئا في نفسه، ولهذا لم يستخدم هذا التعبير الصريح.

أما عن اتباع منهج التحليل العلمي والأخذ بالأسباب فنحن مأمورون به شرعا عند بحث أي مسألة. ولكن هذا لا شأن له بالعلمانية من قريب أو بعيد. وإنما ظهر ذلك التضاد في أوروبا بسبب تسلط الكنيسة الكهنوتية، أما في الإسلام فلا يوجد  لدينا كهنوت أصلا، فرجل الدين اجتهاده يحتمل الخطأ والصواب.

أما الليبرالية فهي مذهب فكري يركز على الحرية الفردية، ويرى وجوب احترام استقلال الأفراد، ويعتقد أن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين مثل حرية التفكير، والتعبير، والملكية الخاصة، والحرية الشخصية وغيرها.  إلى هنا والمعاني بشكل عام خادعة براقة.


فماذا إذا اصطدمت معاني الحريات العامة بثابت من ثوابت الشريعة؟

يقوم المذهب الليبرالي على أساس علماني يعظم الإنسان، ويرى أنه مستقل بذاته في إدراك احتياجاته.  وهنا اختلاف فلسفي أصيل مع معنى العبودية لله. فالإسلام في حقيقته ما هو إلا الاستسلام لله سبحانه وتعالى، أو كما يقول صديقي الأمريكي "You Submit Yourself to Allah". بمعنى أن كل المعاني الحقوقية مكفولة في هذا الدين إلا إذا اصطدمت بثابت من ثوابت الشريعة الإسلامية، فليس لك الحق في التعري أو الشذوذ مثلا فهي أمور تنزل بالمجتمع إلى درك منحط يدمر ثوابته الاجتماعية.

وهذا في حقيقته الخلاف على المادة 36 من الدستور، إذ يرغب العلمانيون والليبراليون في حذف جملة "بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية". وهو ما يعد تجرؤا على الشريعة الإسلامية بشكل لم يسبق أن رأيناه من قبل. وهذا لا شك أيضا من الضلال المبين.

بل المضحك والمثير أن الليبراليين في مصر لم يقفوا مع حق المسلمات الجدد مثل "كاميليا شحاتة"، أو "وفاء قسطنطين"، رغم أن مبادئهم الليبرالية تدعوهم للدفاع عن حرية الاعتقاد. و بمراجعة بعض مواقف مدعي الليبرالية في بلداننا سيتضح لك أنهم يكيلون بمكيالين، فهم يقبلون الديمقراطية إلا إذا ولدت إسلاماً، ويأخذون بالحرية إلا إذا كانت نتيجتها لصالح الحق والشرع، فإنهم عند ذلك ينقلبون عليها.

ولو راجعت المعاني السابقة جميعها لأدركت السبب في سعي الإسلاميين لإقرار دستور ينزه مجتمعاتنا عن تلك المصائب، ويعلن أننا شعب يعظم الله سبحانه وتعالى ويعلي من قيمة شريعته، وأننا أبدا لن نرضى بأن نصدر أي نص يخالف شريعة الله سبحانه وتعالى.

وسنسعى جاهدين معا لتطهير الاقتصاد من الربا من خلال خطة اقتصادية محكمة، وسنسعى جاهدين للنهوض بأمتنا وتحقيق مبدأ الاستقلال والسيادة لنستطيع البناء وفق شريعتنا المطهرة، وسنسعى جاهدين لإقرار نظام اجتماعي عادل يعيد للأسرة قيمتها المفقودة، وسنسعى جاهدين للإصلاح في كل الميادين وفق شريعتنا المطهرة التي هي سبيل النجاة الوحيد للبشرية.

معا لدستور يعلن أن الشريعة حاكمة علينا، وأننا جميعا عبيد مستسلمين لله. ثقتي أن تلك هي هوية شعبي الحقيقية التي يجب أن يعبر عنها الدستور.

محمد نصر
مدير إدارة بإحدى شركات الاتصالات العالمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صحيفة ألمانية:قضاة مبارك هم سبب الأزمة في مصر

أبرزت جريدة دي تسايت  الألمانية الأسبوعية التي يصدرها المستشار الألماني السابق هيلموت شميدت في مقالة لها صادرة اليوم أن سبب النزاع المست...