الخميس، 30 أغسطس 2012

زيارة الصين.. الاقتصاد المصري يتحرر

بداية من المملكة العربية السعودية مرورًا بإثيوبيا وصولاً للصين وبعدها لألمانيا والولايات المتحدة، هي خطة جولات الرئيس مرسي الخارجية، والتي بدأها من محيطه العربي والإفريقي والآن يوجد في الصين الدولة الآسيوية الكبرى، مخالفًا نهج سلفه المخلوع ولم يبدأ بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، ما يدل على وجود سياسة أخرى يحملها الرئيس المصري ناتجة من نبض الشارع المصري وهي التحرر من القيود الأمريكية وفتح آفاق جديدة مع كل دول العالم والاستفادة من خبرات الدول الكبرى، وفي مقدمتها الصين.

زيارة الرئيس إلى الصين جاءت من أجل فتح أسواق عمل جديدة والاستفادة من التجربة الصينية في النهضة والتنمية والقضاء على المشكلات الأساسية في المجتمعات العربية بما فيها المصرية من بطالة وفقر ونحوها باعتبار أن الصين القوى الاقتصادية الثانية على مستوى العالم، وتجاهلها ليس في المصلحة المصرية كما كان يفعل المخلوع من قبل.

لم تغب سوريا عن أجندة مرسي في الصين؛ حيث أكد الرئيس ضرورة حل الأزمة السورية بطريقة سلمية، ووقف الدعم العسكري والسياسي الصيني للمجرم بشار.

وأثمرت لقاءات الرئيس مرسي ونظيره الصيني إلى عقد عدة اتفاقيات  في مجالات التعاون الاقتصادي والفني والسياحي.

وقدَّمت الصين منحة لا ترد بمبلغ 450 مليون يوان لإقامة مشروعات مشتركة في مجالات البنية التحتية والكهرباء والبيئة إلى جانب منحة أخرى عبارة عن 300 سيارة شرطة.

كما تمَّ توقيع اتفاقية بين طارق عامر رئيس البنك الأهلي المصري ورئيس البنك الوطني الصيني، بقيمة 200 مليون دولار أمريكي موجهة لمشروعات استثمارية لمصر.


ووقَّع أشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي ونائب وزير التجارة الصيني للتعاون المشترك نصَّت على تقديم الصين السيارات الخاصة بالشرطة إلي مصر، كما وقَّع الأول على اتفاقية بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية وهيئة العلوم التكنولوجية الصينية في مجال التقنيات الزراعية.

أيضًا تم الاتفاق على التعاون بين وزارة البيئة المصرية ونظيرتها الصينية، وفي مجال الاتصالات تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين في هذا الشأن، وتم التوقيع على برنامج تنفيذي بين وزارة السياحة المصرية والهيئة السياحية للصين، ثم الاتفاقية الأخيرة بين أشرف العربي والبنك الوطني الصيني، وهي اتفاقية لتقديم الاستشارات في مجال التخطيط.

"إخوان أون لاين" ناقش الخبراء حول فوائد الزيارة وتأثيرها على المجالين الاقتصادي والسياسي المصري على النحو التالي:
بدايةً.. يؤكد الدكتور محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة أن زيارة الرئيس محمد مرسي إلى الصين في أول زيارة خارجية خارج محيطه العربي والإفريقي لها فوائد ومكتسبات عدة؛ نظرًا لأن الصين دولة كبرى في المجال الاقتصادي ولاعبة أساسية في المجال السياسي.

ويعدد الخبير الاقتصادي فوائد زيارة الرئيس؛ حيث تأتي أولها في زيادة حجم الاستثمارات بين البلدين؛ حيث تعد الصين من أكبر المستثمرين في العالم في القوت الحاضر؛ ما يساعد بشكل إيجابي على رفع المستوى الاقتصادي المصري.

ويوضح أن السياحة والترويج لها كانت على رأس أولويات الرئيس في الصين، خاصةً أن عدد السائحين الصينيين تجاوز الـ50 مليون، وهو عدد ليس بالقليل ويهدف الرئيس من الاستفادة منهم في المرحلة المقبلة.

ويرى أنه يمكن الاستفادة من تجربة الصين في التنمية؛ نظرًا لتقارب الظروف المعيشية بين البلدين وتجارب الصين في القضاء على البطالة رغم كثرة عددهم ومواجهة الفقر وغيرها من المظاهر الموجودة بقوة داخل الدولة المصرية الآن.ويشير إلى أن زيارة الدكتور مرسي للصين لها فوائد عدة اقتصادية وسياسية، ولكنها من الدرجة الأولى اقتصادية لأنها تضم أكثر من 80 رجل أعمال من مختلف التيارات إلى جانب 7 وزراء في مقدمتهم وزيرا الصناعة والتجارة الخارجية والاستثمار، آملاً في أن يحدث توازن في حجم التبادل بين البلدين الذي يصبُّ في صالح الصين في الوقت الحالي.

التنمية الاقتصادية
ويرى الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات أن زيارة الدكتور مرسي الهدف منها التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين بصورةٍ أكبر؛ ما كانت وهو ما أعلنه الرئيس خلال برنامجه الرئاسي أنه سيسعي إلى زيادة الاستثمارات بين مصر وجميع دول العالم، خاصةً المتقدم منها للاستفادة من خبرتها في المجال التنموي وخلق فرص عمل داخلية.

ويؤكد أن الصين بلد قوية استطاعت أن تتغلب على كثيرٍ من المعوقات التي كان أبرزها عدد السكان الكبير، وهو ما يبشر بخير بالنسبة لنا في محاولتنا للقضاء على البطالة بشكلٍ كامل، مضيفًا أنه يجب عدم الاعتماد على دولة بمفردها في التنمية بل يجب الاستفادة والتعاون مع كل الدولة المتقدمة حتى لا نقع تحت رحمة أي دولة.

ويشير إلى زيارة الرئيس بمصاحبة العشرات من رجال الأعمال المصريين دون تمييز تيار علي الآخر يؤكد عزمه على نهضة اقتصادية حقيقة بمساندة رجال الأعمال المصريين.ويوضح أنه لا يمكن إغفال فوائد الزيارة السياسية التي تعود على الدولة المصرية، خاصةً أن الزيارة تهدف إلى إحداث نوع من التوازن في العلاقات الخارجية المصرية والتخلص من الهيمنة الأمريكية التي وضعنا تحت رحمتها النظام البائد.

التحرر من الهيمنة

وتؤكد الدكتورة باكينام الشرقاوي مساعدة رئيس الجمهورية للشئون السياسية أن السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة يناير، خاصةً في عهد الرئيس مرسي قد تغيَّرت عن النظام السابق؛ وذلك لما أعلنه د. مرسي من قبل بأنه لا هيمنة لدولة علينا بعد اليوم، وأن العلاقات المصرية الخارجية ستكون على المصالح المتبادلة دون تدخل طرف في الشئون الداخلية لدولة أخرى.

وتوضح أن أهم ما في الزيارة هو الدعم المصري للدولة السورية الشقيقة ضد نظام بشار؛ نظرًا لأن الصين داعم رئيسي له، كما أن زيارة رئيس مصر في أولى جولاته الخارجية لم تكن للولايات المتحدة الأمريكية، كما كان سائد قبل ذلك بل كانت للمملكة العربية السعودية، ثم لإثيوبيا وبعدها للصين، وهو ما يعني التحرر الكامل من أحضان الغرب وأمريكا وبداية علاقات جديدة متوازنة مع الدول جميعها.

وتشير إلى أن زيارة الرئيس للصين تهدف إلى تحسين العلاقات بين البلدين، خاصةً في المجال الاقتصادي؛ حيث تعد ثاني أكبر دولة اقتصادية وتعمد النظام البائد على قطع العلاقات معها على حساب العلاقات الأمريكية الأوروبية.

                                                         علاقات متوازنة

ويوضح الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن أهم ما يميز الزيارة هو إقامة علاقات متوازنة مع كل اللاعبين السياسيين سواءً الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مضيفًا أن زيارة الرئيس للصين يعني توجهه إلى الشرق وزيارته بعدها إلى كل من الولايات المتحدة تعني استمرار العلاقات وقبوله لزيارة ألمانيا تعني الاهتمام بالعلاقات الأوروبية ومن قبل زار السعودية وإثيوبيا أي اهتمام بالغ بالبعد العربي والإفريقي؛ ما يدل على اختلاف تام للسياسة المصرية في المرحلة المقبلة.

ويضيف أن زيارة الرئيس لإيران لحضور قمة دول عدم الانحياز أمر إيجابي وفرصة لعودة العلاقات المصرية الإيرانية ورفع التمثيل الدبلوماسي بالرغم من عدم إعلان الرئيس زيارته بصفة رسمية لإيران، متمنيًا أن تعود العلاقات بين البلدين لتكون السياسة المصرية منفتحة على كل الدول.

ويتابع أن مصر من الآن فصاعدًا لن يتدخل أحد في شئونها ولن يرسم لها خطوط لتسير عليها كما كان في السابق، مؤكدًا أن زيارة الرئيس للصين باعتبارها قوة اقتصادية كبري تريد مصر الاستفادة من خبراتها سواء في المشاريع الصغيرة والمتوسطة أو القضاء على مشكلتي الفقر والبطالة.

ويشدد على أن المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وأن تحقيق الريادة الاقتصادية والسياسية هدف تسعى إليه الدولة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة في السنوات القادمة والاستفادة من خبرات الدولة في النهوض ببلادها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صحيفة ألمانية:قضاة مبارك هم سبب الأزمة في مصر

أبرزت جريدة دي تسايت  الألمانية الأسبوعية التي يصدرها المستشار الألماني السابق هيلموت شميدت في مقالة لها صادرة اليوم أن سبب النزاع المست...