الاثنين، 12 نوفمبر 2012

عمرو موسى يلتقى الاسرائليين في نابلس

بقلم: محمد العبد الله
    أثار الاجتماع الذي شهدته مدينة نابلس المحتلة يوم الأحد في الرابع من هذا الشهر، في بيت رجل الأعمال الفلسطيني "منيب المصري" تحت عنوان "كسر الجمود"، بعيداً عن أعين الإعلاميين، العديد من التساؤلات حول توقيته، وماهية وظيفته في المرحلة الراهنة. لكن الأخطر من كل هذا، كان في نوعية الحضور، وفي القضايا المطروحة على جدول اللقاء. حضر الاجتماع وفد من رجال الأعمال الصهاينة المحتلين، من ضمنهم صاحب سلسلة المتاجر في المستعمرات المقامة على الأراضي المحتلة " رامي ليفي" وعمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، ورئيس الوزراء الأردني السابق عبد السلام المجالي، ومحمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني كممثل لمحمود عباس، ومندوب عن هيئة الأمم المتحدة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، والأمير فراس بن رعد ممثلاً عن الرباعية الدولية، بالإضافة إلى وفود عربية وتركية وأوروبية شاركت في الاجتماع وقدمت مساهماتها في المناقشات والتوصيات .
في البيان الصادر عن الاجتماع، توضيح للدور/الوظيفة لهذا اللقاء الذي"يأتي استكمالاً لاجتماعات تهدف لخلق تحالف دولي عربي إسلامي يهودي، يضم شخصيات فلسطينية و(إسرائيلية) مستقلة لها صيت ذائع في مجتمعاتها، ومؤثره على صناع القرار من أجل كسر الجمود الحاصل في عملية السلام، وتخفيف الضغط على القيادة الفلسطينية عبر خلق مبادرة لكسر الجمود، من صلب المجتمع المدني، ومن قبل شخصيات مستقلة مبنية على نصوص مبادرة السلام العربية، وما تحتويه من نقاط تحافظ على الحقوق الفلسطينية والعربية.هذا ليس لقاء تفاوضياً، أو للتعاون الاقتصادي أو التطبيع، وأنه اجتماع ليس ثنائياً، أي ليس (إسرائيلي) فلسطيني فقط، بل اجتماع دولي تحت لواء مؤسسة عالمية هي المنتدى الاقتصادي العالمي، المعروف بمنتدى دافوس الاقتصادي".
 ما أغفله البيان، أوضحه " منيب المصري" في المؤتمر الصحفي الذي عقده في منزله الآخر بمدينة رام الله المحتلة ، حين رد على الحملة التي استهدفت مشاركة رجال أعمال صهاينة، بالقول " إنني لست من يقرر ويقر الأسماء المشاركة في اللقاء الذي ينظمه المنتدى الاقتصادي."
 مضيفاً " أن اجتماعا آخر عُقد في جنيف قبل ما يقارب شهرين سبق اجتماع نابلس، وستعقد اجتماعات أخرى لاحقة وسيتم الإعلان عن الأسماء والشخصيات المشاركة فيها عند نضوج المبادرة".

    تنبع خطورة اللقاء في طبيعة الهدف المطلوب تحقيقه داخل المجتمع كما نقرأ بالبيان "هذه اللقاءات ليست اقتصادية رغم أن المنتدى الاقتصادي اسمه اقتصادي، بل هي مبادرات مجتمعية سياسية بامتياز من المنتدى الذي يضم شريحة واسعة من الشخصيات المستقلة من المفكرين والناشطين مجتمعيا ورجال الأعمال... هؤلاء هم أصحاب الصيت الذائع في المجتمع، المؤثرون على صناع القرار، العاملون على تخفيف الضغط على القيادة الفلسطينية ". بالتأكيد، دورهم و"صيتهم" يعرفه أبناء الشعب، المستنزف بالنهب المباشر، لتحالف أصحاب رؤوس الأموال، العابر للحدود والقوميات، الذي جعل من المواطن رهينةً  للبنوك، التي يهيمن عليها هذا التحالف، والذي صادر الأراضي بفعل قوانين الاحتلال وقواه العسكرية العدوانية، ليبني عليها مشاريعه الاستثمارية.
 ليس خافياً على كل من اكتوى بنار الأسعار، ونهب الأراضي، وقبل كل ذلك، بغزو المستعمرين الصهاينة، طبيعة ودور تلك الشرائح المرتبطة بالمركز الرأسمالي العالمي( الغربي / اليهودي ) من خلال الكمبرادور/الوسيط، المحلي والإقليمي، بعيداً عن طبيعة الصراع بين الشعب الفلسطيني والأمة العربية، والإمبريالية العالمية وثكنتها الأمامية ( كيان العدو ) كجسر، ليس لعبور الاستثمارات الاقتصادية، بالنهب والأرباح "سرقة الموارد وتسويق السلع" فقط، بل لكسر إرادة التحدي والصمود ومقاومة الاستسلام _ التطبيع، كما يسميه البعض_. وهذا ما عبّر عنه البيان الصادر عن اللقاء، حين أكد على أهمية الاجتماعات" لأنها تأتي بسبب الانسداد في أفق العملية السياسية، وإبراز حتمية الدولة الواحدة، بسبب هذا الانسداد، وشرح أبعاد هذا الانسداد ومخاطره على حل الدولتين، وإمكانية انفجار المنطقة، مع التشديد على ضرورة التركيز على سوداوية الوضع الحالي ومخاطره على (إسرائيل)، ورفع المكانة للقضية الفلسطينية، وأهمية حلها على ضوء ما يبدو أنه تراجع بسبب الانشغال بالربيع العربي ". الاستنتاج من كل الحديث عن " الانسداد والدولة الواحدة أو الدولتين، والخوف من انفجار المنطقة وخطر ذلك على كيان العدو ". إذن، وباختصار،هذه هي الوظيفة المطلوبة من اللقاء .
   اللافت لنظر المهتمين باللقاء، كان حضور عمرو موسى، الذي حملته مروحية أردنية من عمان لرام الله المحتلة، لينتقل بعدها لنابلس للمشاركة في الاجتماع. سبب حضوره _ كما برره المصري_ كان لقراءة بنود مبادرة " السلام " العربية للحضور، خاصة، أن الوفد الصهيوني، لم يكن على علم بتفاصيلها _ كما أوضح المصري _!. لكن التاريخ السياسي لموسى، من حيث ارتباطه بالسياسة الأمريكية وأدواتها الإقليمية والمحلية، وتعويمه داخل المشهد السياسي المصري بعد 25 يناير، يفضح حقيقة مشاركته بالاجتماع.
    جاء اجتماع نابلس ليكشف دور تلك الشرائح الاجتماعية والقوى الاقتصادية في خدمة المشروع الاستعماري / الصهيوني، وليعري زيف تلك اللغة اللزجة المستخدمة في تبرير اللقاء. وإذا كان منيب المصري بما وفرته له، سلطة المقاطعة ومثيلتها في غزة، من تغطية سياسية، وإبراز على مستوى دور " الوسيط" ببعض مراحل الخلاف المستديم لحزبي السلطتين، وتقديمه كمرشح محتمل لحكومة " وحدة وطنية"، وبما يحظى به في السياسات الاقتصادية الرأسمالية العالمية، قد أهلته للعب هذا الدور المحلي والإقليمي والدولي، "المؤثر على صناع القرار". لهذا، فإن إسقاط هذا الدور يتطلب مواجهة مجتمعية شاملة مع المظلة التي تحميه .
 في مواجهة رمز هذا اللقاء، الصهيوني/ المستعمر رامي ليفي، يبرز نضال شباب وشابات المقاومة داخل الضفة المحتلة في مواجهة الرأسمال العالمي / الاحتلالي ،من خلال إقدام المقاومين على اقتحام سوق ليفي شمال مدينة القدس المحتلة يوم 24 /10 الفائت، ورفعهم للأعلام الفلسطينية وهتافهم للحرية ودعوتهم لمقاطعة بضائع كيان العدو، كرد على سياسة اعتداءات عصابات المستعمرين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم .
  نضال الشباب والشابات هو الرد _ مع أشكال أخرى _ على حالة الجمود الوطنية/النضالية، وهو الذي يجب أن يعمم ضد كل الرموز المشاركة في مثل هذه اللقاءات التي تعمل على تمهيد الأرض لعبور الغزاة، سواء كانوا عسكريين، اقتصاديين، أكاديميين، فنانين، أم أدباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صحيفة ألمانية:قضاة مبارك هم سبب الأزمة في مصر

أبرزت جريدة دي تسايت  الألمانية الأسبوعية التي يصدرها المستشار الألماني السابق هيلموت شميدت في مقالة لها صادرة اليوم أن سبب النزاع المست...