الثلاثاء، 10 يوليو 2012

مبررات قرار عودة مجلس الشعب

وجهت للأخ الدكتور محمد فؤاد جاد الله، نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار القانونى لرئيس الجمهورية، سؤالاً حول الأسانيد القانونية لقرار الدكتور محمد مرسى إلغاء قرار حل مجلس الشعب، فجاءت إجابته على النحو التالى:

«لا شك أن صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 وتعديلاته وما ورد بأسبابه من الإشارة إلى حل مجلس الشعب، وتوقيت صدور الحكم، أثارت موجة عالية من اليأس والإحباط لدى جموع الشعب المصرى فى الداخل والخارج، خاصة أنه إحدى أهم المؤسسات التى تمتلك الشرعية فى الوقت الراهن، بجانب شرعية الثورة وشرعية الرئيس ومجلس الشورى.

وإذا كان اختصاص المحكمة الدستورية العليا محدداً فى النظر فى مدى دستورية القوانين واللوائح دون إمكانية إلغائها أو تجاوز ذلك للقضاء بحل البرلمان من عدمه، فحكم «الدستورية» يتوقف عند القضاء بعدم دستورية نصوص المواد فقط، ويترتب عليه عدم جواز تطبيق المواد المقضى بعدم دستوريتها، أى وقف العمل بها فوراً، ويلتزم الجميع بعدم إعمال هذه المواد المقضى بعدم دستوريتها، فالمحكمة الدستورية تختص بالفصل فى مدى دستورية القوانين واللوائح، ومفاد ذلك أن المحكمة تقضى إما بدستورية القانون أو بعدم دستوريته، وليس لها أن تتجاوز هذا الاختصاص لتقرر الحل من عدمه، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة فى أحكامها فى 1987 و1990، والأثر المترتب على الحكم بعدم الدستورية هو وقف العمل بالمواد المقضى بعدم دستوريتها أو القانون المقضى بعدم دستوريته سواء بأثر فورى أو بأثر رجعى، ومن المتفق عليه أن القانون المقضى بعدم دستوريته يظل قائماً، لكن لا يُطبق ولا يُعمل به، لكن فى الوقت ذاته لا يعتبر ملغى، لأنه لا يمكن إلغاؤه أو تعديله إلا من جانب السلطة التشريعية.

وتوفيقاً بين احترام الأحكام وقدسيتها وعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب الذى قام عليها وفى الوقت ذاته مراعاة الاعتبارات التالية:

- احترام المؤسسة التى تمتلك شرعية وهى مجلس الشعب.

- اختصاص المحكمة الدستورية بالفصل فى مدى دستورية القوانين واللوائح.

- أثر الحكم بعدم الدستورية يعنى وقف العمل بالمواد المقضى بعدم دستوريتها ولا يعنى إلغاءها.

- التزام الجميع بعدم تطبيق المواد المقضى بعدم دستوريتها منذ صدور الحكم ونشره.

- مقتضيات مصلحة الوطن والشعب فى وجود واستمرار عمل مجلس الشعب.

- نظرية الامتداد القانونى لمجلس الشعب لحين استكمال انتخابات المجلس التكميلية، وهو ما كان منصوصاً عليه بالمادة 114 من دستور 1923.

- تطبيق نظرية المجلس الفعلى، قياساً على نظرية الموظف الفعلى، التى تفرضها حالة الضرورة والوضع الراهن والظروف التى تهدد حياة الأمة.

- عدم النص فى الإعلان الدستورى على حل مجلس الشعب، وكأن المشرع الدستورى قصد عدم إمكانية حله لحين وضع دستور جديد للبلاد، وذلك على خلاف دستور 71، الذى كان يحدد سلطة الحل وشروطه.

- احترام نظرية استمرار عمل المؤسسات بانتظام واطراد، خاصة فى الأوقات الصعبة التى يمكن أن تهدد حياة الأمة.

- المبدأ القضائى الدولى الذى ينص على حق الشعب فى أن يتبنى نظاماً خاطئاً، وحق الناخبين فى أن يكونوا على خطأ.

ورغم أنه ـ وإن كان هناك أكثر من رأى سليم من الناحية القانونية والدستورية، ولكل رأى حججه وأسانيده سواء فى اللجوء إلى حل البرلمان أو عدم حل البرلمان ـ فإننا يجب أن نفاضل بين هذه الآراء واختيار الرأى الراجح فى ضوء الاعتبارات السابقة التى تفرض علينا تفنيد كل رأى سليم واختيار أفضل البدائل من خلال التوافق على الرأى الراجح الذى يحقق مصالح الشعب والوطن ويقلل المخاطر بقدر الإمكان.

وبناء على ما تقدم يفضل عودة مجلس الشعب حالاً ومباشرة لممارسة اختصاصاته المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس، مع إجراء انتخابات فور إقرار الدستور الجديد والانتهاء من قانون مجلس الشعب، وذلك حفاظا على مصالح الشعب والوطن».

ويبدو واضحاً من هذا الرد، المفيد فى جميع الأحوال، أن ما يدور فى مصر هذه الأيام ليس سوى فصل آخر من فصول صراع سياسى ممتد، كان قد بدأ فور سقوط رأس النظام السابق، لكن هذا الصراع يتخفى أحياناً وراء القانون لإضفاء قدر من الشرعية على مواقف الأطراف المختلفة، وهو ما يحتاج إلى تأصيل سنعرض له بقدر أكبر من التفصيل خلال الأيام القليلة المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صحيفة ألمانية:قضاة مبارك هم سبب الأزمة في مصر

أبرزت جريدة دي تسايت  الألمانية الأسبوعية التي يصدرها المستشار الألماني السابق هيلموت شميدت في مقالة لها صادرة اليوم أن سبب النزاع المست...